سورة الأعراف - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأعراف)


        


قوله تعالى: {وَلُوطًا} أي: وأرسلنا لوطا. وقيل: معناه واذكر لوطا. وهو لوط بن هاران بن تارخ ابن أخي إبراهيم، {إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ} وهم أهل سدوم وذلك أن لوطا شخص من أرض بابل سافر مع عمه إبراهيم عليه السلام مؤمنا به مهاجرا معه إلى الشام، فنزل إبراهيم فلسطين وأنزل لوطا الأردن، فأرسله الله عز وجل إلى أهل سدوم فقال لهم، {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} يعني: إتيان الذكران، {مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} قال عمرو بن دينار ما يرى ذكر على ذكر في الدنيا إلا كان من قوم لوط.
{إِنَّكُمْ} قرأ أهل المدينة وحفص {إنكم} بكسر الألف على الخبر، وقرأ الآخرون على الاستئناف، {لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ} في أدبارهم، {شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ} فسَّر تلك الفاحشة يعني أدبار الرجال أشهى عندكم من فروج النساء، {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} مجاوزون الحلال إلى الحرام.
قال محمد بن إسحاق: كانت لهم ثمار وقرى لم يكن في الأرض مثلها فقصدهم الناس فآذوهم، فعرض لهم إبليس في صورة شيخ، فقال: إن فعلتم بهم كذا نجوتم، فأبوا فلما ألح عليهم الناس قصدوهم فأصابوهم غلمانا صباحا، فأخذوهم وقهروهم على أنفسهم فأخبثوا واستحكم ذلك فيهم. قال الحسن: كانوا لا ينكحون إلا الغرباء.
وقال الكلبي: إن أول من عمل عمل قوم لوط إبليس، لأن بلادهم أخصبت فانتجعها أهل البلدان، أي: فتمثل لهم إبليس في صورة شاب، ثم دعا إلى دبره، فنكح في دبره، فأمر الله تعالى السماء أن تحصبهم وأمر الأرض أن تخسف بهم.


قوله عز وجل: {وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَنْ قَالُوا} قال بعضهم لبعض: {أَخْرِجُوهُمْ} يعني: لوطا وأهل دينه، {مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} يتنزهون عن أدبار الرجال.
{فَأَنْجَيْنَاهُ} يعني: لوطا، {وَأَهْلَهُ} المؤمنين، وقيل: أهله: ابنتاه، {إِلا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ} يعني: الباقين في العذاب، وقيل: معناه كانت من الباقين المعمرين، قد أتى عليها دهر طويل فهلكت مع من هلك من قوم لوط، وإنما قال: {من الغابرين} لأنه أراد: ممن بقي من الرجال فلما ضم ذكرها إلى ذكر الرجال قال: {من الغابرين}.
{وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا} يعني: حجارة من سجيل. قال وهب: الكبريت والنار، {فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ} قال أبو عبيدة: يقال في العذاب: أمطر، وفي الرحمة: مطر.
قوله تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا} أي: وأرسلنا إلى ولد مدين- وهو مدين بن إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام- وهم أصحاب الأيكة: أخاهم شعيبا في النسب لا في الدين. قال عطاء: هو شعيب بن توبة بن مدين بن إبراهيم. وقال ابن إسحاق: هو شعيب بن ميكائيل بن يسخر بن مدين بن إبراهيم، وأم ميكائيل بنت لوط. وقيل: هو شعيب بن يثرون بن مدين وكان شعيب أعمى وكان يقال له خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه، وكان قومه أهل كفر وبخس للمكيال والميزان.
{قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} فإن قيل: ما معنى قوله تعالى: {قد جاءتكم بينة من ربكم} ولم تكن لهم آية؟.
قيل: قد كانت لهم آية إلا أنها لم تذكر، وليست كل الآيات مذكورة في القرآن.
وقيل: أراد بالبينة مجيء شعيب.
{فَأَوْفُوا الْكَيْلَ} أتموا الكيل، {وَالْمِيزَانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ} لا تظلموا الناس حقوقهم ولا تنقصوهم إياها، {وَلا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا} أي: ببعث الرسل والأمر بالعدل، وكل نبي بعث إلى قوم فهو صلاحهم، {ذَلِكُمْ} الذي ذكرت لكم وأمرتكم به، {خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} مصدقين بما أقول.


{وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ} أي: على كل طريق، {تُوعِدُونَ} تهددون، {وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} دين الله، {مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا} زيغا، وقيل: تطلبون الاعوجاج في الدين والعدول عن القصد، وذلك أنهم كانوا يجلسون على الطريق فيقولون لمن يريد الإيمان بشعيب، إن شعيب كذاب فلا يفتننك عن دينك ويتوعدون المؤمنين بالقتل ويخوفونهم، وقال السدي: كانوا عشارين. {وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلا فَكَثَّرَكُمْ} فكثر عددهم، {وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} أي: آخر أمر قوم لوط.

5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12